أبناؤنا جيل جديد يتزامن مع عصر الالكترونيات والفضائيات والتي غزت عقول أبنائنا بشكل مذهل، وأصبح من السهل أن يكون الكتاب منسيا مهملا لا قيمة له لديهم، وخصوصا في ظل إنشغال الأهل وغفلة كثير منهم عن إيلاء الأهمية الكافية لتدريب أبنائهم على إختيار الكتب والقصص المناسبة التي من شأنها تساعد في عملية التربية السليمة وفي سبيل تنمية شخصياتهم وزيادة حصيلتهم اللغوية.
كيف نستطيع أن نساعد أبنائنا على إختيار القصص المناسبة في الوقت الذي تكتظ فيه المكتبات بأنواع كثيرة من القصص؟
*هل للقصة دور في مجال تربية الأبناء؟
*ماهي أهم الموضوعات التي تهم الأطفال بحسب أعمارهم؟
يتعود كثير من الأطفال القراءة ويحبونها عندما يقرأ والديهم لهم منذ صغرهم، كما أنهم يكتسبون خبرات ومعارف كثيرة أثناء قراءة والديهم لهم، ويتعلمون الحوار والمناقشة عن أشياء يرغب بمعرفتها.
وتعد القصة التي تتعامل مع عقلية الطفل وحاجاته من الوسائل الحديثة في تربية الطفل وتعليمه، فالقصة تعمل على تعديل سلوك الطفل وتمده بالمفردات اللغوية التي تسهم بزيادة الحصيلة اللغوية لديه، وهي وسيلة مهمة في تعليمه القيم المهمة التي نرغب بتوصيلها له كالتعاون والمحبة وغيرها، وقد تسهم القصة في تفجير الطاقات الإبداعية لدى الأطفال فنكتشف لديهم سعة الخيال وقوة التصور ومهارات الإلقاء من خلال قراءة القصص عليهم بنبرات صوتية مختلفة.
وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الطفل الذي يقرأ له قبل دخوله المدرسة تزيد نسبة ذكاؤه ومستوى تحصيله الدراسي أكثر من أقرانه الذين لم يقرأ لهم.
والقصة للطفل كالمرشد في إختيار السلوك المرغوب والتمييز بينه وبين الأساليب السيئة، وتعالج القصة في كثير من الأحيان بعض المشاكل النفسية التي يعاني منها الطفل، فمن يخاف من الكلب مثلا نقرأ له من القصص ما يبين أن الكلب لطيف لا يعتدي على احد طالما لم يعتد عليه كما أنه حارس أمين ووفي.
وعندما نحسن إختيار القصص للطفل ونقرأها عليه فيتعلم كلمات وجمل جديدة، وتقوى صلته بوالديه حيث يعزز شعوره بالحب والحنان مما يقوي ثقته بنفسه.
وعند ذهابنا للمكتبات والأسواق نجد كما هائلا من الكتب والقصص المختلفة في موضوعاتها وأشكالها حيث تتنوع القصص حسب مراحل النمو المختلفة، فهناك الطفولة المبكرة من عمر 3ـ5 والطفولة المتوسطة 6ـ8 والطفولة المتأخرة 9ـ12.
ففي الشريحة العمرية المبكرة تتراوح كتب الأطفال بين المطبوعات التعليمية والقصص وسلاسل التلوين والحكايات القصيرة جدا، وقد نجحت دور نشر إسلامية كثيرة في تقديم سلاسل قصصية وتلوينية قريبة إلى أطفالنا وبيئاتهم بعيدة عن الشخصيات الكرتونية الغربية التي تخالف عقيدتنا وقيمنا وثوابتنا.
أما الشريحة الثانية 6ـ8 وهي مرحلة يغادر فيها الطفل الواقع إلى الخيال كما أنه يكون قد تعلم القراءة والكتابة وبالتالي ازدادت خبرته بالواقع، كما ازدادت حصيلته اللغوية فلابد من الإرتقاء بمستوى الكتاب المقدم إلى الطفل.
أما الشريحة العمرية الثالثة فالطفل يحب القراءة عن المغامرات والأبطال والقصص التاريخية بعيدا عن الخيال.
وقد لاحظت الدراسات نقصا حادا فيما يقدم لمرحلة الطفولة من الرضاعة إلى ثلاث سنوات، وتذكر هذه الدراسات أنه لا ينبغي أن نتجاهل هذه المرحلة بل الإهتمام بها
وإحاطة الطفل بمجموعات قصصية مصنوعة من القماش أو الورق المقوى لتكون أكثر تحملا.
وعندما يريد الآباء والمربون قراءة القصة للطفل فلابد من مراعاة الزمان والمكان للقراءة فلا نقرا للطفل وشاشة التلفاز أمامه مفتوحة لأن ذلك سيعمل على تشتيت إنتباهه وعدم تركيزه على ما يقرأ له، ولا نقرأ له عندما يكون الطفل مرهقا أو متعبا أو أن تكون قراءتنا له تحرمه من أشياء يحبها، وأن يجلس القارئ بجوار الطفل ويحتضنه إن كان واحدا، أو يجلسهما على الجانبين إن كانا إثنين، وأن يقرأ القصة منفعلا بحوادثها ويتقمص شخصياتها كأن يغير تعابير وجهه ونبرات صوته بما يتناسب والقصة.
وعلى القاريء أن يقرأ القصة جيدا قبل أن يقرأها على الطفل ليتعرف على ماهيتها ومدى مناسبتها للطفل وأن تكون بلغة فصحى قريبة من الطفل مع الإشارة إلى الكلمات الجديدة وتفسيرها له، وأن يبدأ بحوار مع الطفل عن القصة التي بين أيدينا كسؤاله عن صورة الغلاف مثلا وماذا تعني؟ حريصين أن يكون وقت القصة وقتا لتقوية العلاقة مع الأطفال بعيدا عن التأنيب والصراخ فيكون المجال مفتوحا أمامهم للسؤال والإستفسار متى شاءوا، وإعطائهم فرصة كافية للتعبير عن أنفسهم أثناء وبعد القصة.
ويستحسن بعد قراءة القصة أن نطلب من الطفل إعادة رواية القصة حتى يزيد من إستيعاب المفردات اللغوية من خلال ذكرها وتكرارها، مراعاة أن يكون القارئ مرتاحا لا يشعر بالإرهاق حتى يقدم ما يمتع الطفل بصورة مناسبة.
وقد يصعب على بعضنا إختيار القصص المناسبة للأطفال وخاصة أولئك الذين ليس لهم خبرة طويلة في التعامل مع الأطفال حيث يجب عليهم التروي قبل شراء أي قصة وقراءة محتواها ونقدها ومشاركة الطفل في إختيار القصة حتى نعرف ميوله وإتجاهاته ونعمل على تنميتها كأن نضع أمامه مجموعة من القصص ونطلب منه أن يختار إحداها، كما لابد من التنويع في موضوعات القصص المقدمة إلى الطفل وعدم التركيز على نوعية واحدة حتى لا يشعر الطفل بالملل وينصرف عن القراءة
ومن الأمور التي تجدر الإشارة إليها عند إختيار القصص للأطفال أن يراعي الوالدان والمربون المزج بين الخيال والواقع الذي يحياه الطفل فلا نجره إلى الماضي الذي لا يهتم به ولا المستقبل الذي يجهله، وأن تدور القصة حول ما يعرفه الطفل من حيوانات وطيور ونباتات أو الشخصيات الألوفة لديه، وأن تكون في أسلوب سهل يتحدث اللغة الفصحى للسمو بلغة الطفل والإرتقاء بها.
ولابد أيضا البعد عن القصص المفزعة للطفل أو تلك التي تتناول ما يتنافى مع آدابنا الإسلامية كالتي يظهر فيها شخصا يكذب أو يتلفظ بألفاظ بذيئة فالطفل يتأثر بما يسمعه ويحاول تقليده.
الكاتب: سمية السحيباني.
المصدر: موقع رسالة المرأة.